أمراض الأسماك وعلاقتها بصحة الأنسان ( بقلم: أ.د سالم عبد مطلك الدراجي)
تاريخ النشر : 2018-05-29 06:16:45
عدد المشاهدات : 2854
أمراض الأسماك وعلاقتها بصحة الأنسان
بقلم الأستاذ الدكتور سالم عبد مطلك الدراجي
قسم الأحياء البحرية / مركز علوم البحار / جامعة البصرة
تصاب الأسماك في بيئاتها الطبيعية أو في حالة استزراعها بالعديد من الأمراض منها: -
1 - الأمراض الطفيلية Parasitic diseases
2 – الأمراض البكتيرية Bacterial diseases
3 - الأمراض الفطرية Fungal diseases
4 – الأمراض الفيروسية Viral diseases
وهناك بعض الأنواع من هذه الأمراض يمكن أن تنتقل من الأسماك الى الأنسان أو الأحياء الأخرى مسببة لها مشاكل صحية لها تأثيرات سلبية محددة في بعض الأحيان أو مسببة لها الموت في أحيان أخرى وتسمى مثل هذه الأمراض بالأمراض حيوانية المنشأ (Zoonosis Diseases) وتكون درجة التأثير المرضي على الانسان او الاحياء الأخرى معتمدة على نوع العامل المرضي المسبب للمرض وشدة الإصابة وموقع الإصابة به مضاف اليها الحالة الصحية السابقة او مناعة الكائن المصاب بها.
ملاحظة:
هناك أنواع أخرى من الأمراض قد تصاب بها الأسماك وتؤثر على صحة الأسماك فقط دون أن تؤثر على صحة الانسان عند تناوله لتلك الأسماك المصابة منها على سبيل المثال الأمراض البيئية وأمراض نقص وسوء التغذية.
وفيما يلي عرض لأهم الأمراض الطفيلية التي تصيب الأسماك وتنتقل الى الانسان: -
الأمراض الطفيلية Parasitic diseases
تشكل الأمراض الطفيلية في الأسماك ما نسبته 80% من أمراض الأسماك عموما. وعلى هذا تعتبر الطفيليات بنوعيها الداخليةEndoparasites أو الخارجية Ectoparasites هي المسبب المرضي الأكثر شيوعا في أسماك المياه الدافئة Warm water fishes وذلك نتيجة لوفرة الهائمات النباتية Phytoplankton والحيوانية Zooplanktonوغزارة المضائف الوسيطة Intermediate Hosts مثل (القواقع Mollusca، القشريات Crustaceans، ديدان العلقLeech وغيرها) في هذه المياه. وغالبا ما تكون الطفيليات هي السبب الرئيسي في حدوث الإصابات الخطرة في المزارع السمكية حيث يتبع أصابتها للأسماك حدوث أصابات ثانوية Secondary infections بالبكتيريا أو بالفطريات أو كليهما معا مما يؤدى إلى تزايد نسب الإصابة وسوء الحالة الصحية للأسماك وبالتالي نفوق الأسماك المصابة. ان كثيرا من هذه الأمراض الطفيلية (خاصة الداخلية منها) تنقل إلى الإنسان وهي في أطوار مختلفة منها الطور اليرقي أو البالغ، وسوف نتطرق هنا لبعض من هذه الأمراض التي قد تشكل خطورة على صحةالإنسان.
أولا :- مرض الجرب الأصفرYellow grub disease
هو أحد الأمراض الطفيلية الداخلية الهامة والذي يصيب معظم أسماك المياه العذبة الحرة والمستزرعة خاصة أسماك العائلة الشبوطية Family:Cyprinidaeوبعض الأسماك من عائلة الجري Family: Siluridae ويتمثل هذا المرض في وجود يرقات متكيسه Encysted larvaeذات أحجام متفاوتة لونها أصفر أو برتقالي تعود لديدان مسطحة ثنائية المنشاء Digenetic Trematodes تعود لجنس Genus يسمى الكلينوستوممClinostomumوقد يصل عدد الاطوار المتكيسة إلى 60 يرقة في السمكة الواحدة حيث توجد بشكل أكياس في الطبقة العضلية تحت الجلد او في الغلاصم Gillsوأن هذه اليرقات تقاوم التجميد الى حد معين إضافة إلى مقاومتها للتمليح الخفيف.
وقد تنتقل اليرقات الحية للإنسان من خلال تناول الأسماك المصابة بها وهي طازجة بدون أي معاملة، أو الأسماك المصابة بهذه اليرقات والغير مطهوة جيدا مثل ( الشواء الخاطئ، التدخين البارد، التمليح الخفيف ) فأن هذه المعاملات والتي تتم في بعض المدن الساحلية قد لا تصل بدرجة الحرارة اللازمة أو الملوحة للقضاء على هذه اليرقات خاصة تلك التي بداخل العضلات تحت الخيشومية والتي تؤدى إلى حدوث الإصابة بالتهاب البلعوم والحنجرة مسببة مرضا يدعى بالها لوزون Halluzon disease في حنجرة الإنسان حيث يفقد الأنسان المصاب بهذا المرض قابليته على النطق مع صعوبة في بلع الطعام . وعندما يتم تشخيص هذا المرض متأخراً فإن علاج هذه الحالات يستدعى التدخل الجراحي. وللوقاية من الإصابة بهذا المرض فأنه يتم التخلص تماماً من رؤوس الأسماك المصابة أذا كانت الإصابات خفيفة ومتواجدة فقط في منطقة الرأس وأما أذا كانت الإصابة شديدة ومنتشرة في جميع أنحاء جسم السمكة فيجب التخلص من السمكة دون اكلها او تداولها.
ثانيا :- مرض الدودة الشريطية السمكية Diphyllobothriosis
وهو أحد الأمراض التي تصيب أسماك المياه العذبة (كمضيف وسطي Intermediate Host) حيث توجد يرقات الدودة الشريطية نوعDiphyllobothrium latum في عضلات الأسماك وفى الكبد والمناسل. وفي الإنسان يظهر المرض في صورة استسقاء وتنكز في العضلات والأحشاء. وهذه الديدان الشريطية تنتقل للإنسان (كمضيف نهائي Definitive Host) عن طريق تناوله للأسماك المصابة نيئة أو غير مطهوة جيدا أو تم حفظها بالتمليح الخفيف أو التدخين على البارد. ويعانى المرضى المصابون بهذه الدودة ( والتي يصل طولها أحيانا الى 15 مترا ) من الإسهال وآلام شديدة في البطن، قيء، فقدان الوزن وقد يؤدي وجود أكثر من دودة في آن واحدة في أمعاء الأنسان إلى انسداد الأمعاء مع شحوب اللون وأنيميا خبيثة.
ثالثا :- مرض الهتيروفايسسHeterophyiasis
هو أحد أهم الأمراض الطفيلية الخطرة التي تم الكشف عنها منذ القدم والتي تنتقل للإنسان عند تناوله لأسماك عائلة البياح خاصة ( والتي تمثل طور المضيف الوسطي ) حيث تتحوصل يرقات الدودة ثنائية المنشأ من النوع ( Heterophyes heterophyes) في عضلات هذه الأسماك. وتسبب تليفا وتنكزا لهذه العضلات وتنتقل للإنسان عن طريق تناول الأنسان لأسماك البياح التي لا يتم شوائها بشكل جيد (أي بدون فتح الأسماك والتخلص من الأحشاء وتنظيفها وعدم تشريط الجلد من الخارج حتى يسهل دخول الحرارة العالية إلى داخل السمكة). وعندما تدخل هذه اليرقات المتكيسة Encysted mctacercariae ) الى جسم الإنسان فإنها تتحول إلى ديدان بالغة Adult worm داخل الأمعاء حيث تدمر جدر الأمعاء الداخلية وتظهر العلامات المرضية في صورة إسهال مزمن وآلام شديدة في البطن. وجدير بالذكر بأن خطورة هذه الديدان تتفاقم عندما تهاجر بويضات هذه الديدان وتستقر في أي من الأعضاء الداخلية للإنسان كالقلب والمخ مسببة التهابات شديدة وتلف للخلايا والأنسجة ويتم انتقال بيوض هذه الديدان من خلال الدورة الدموية وطريقة الكشف عن هذا المرض في الإنسان تتم بعزل البويضات المكتملة النمو من البراز.
تصاب الأسماك بنوع من الديدان الخيطية Nematodes)) ويسمى علميا Capillariaintestinalis وهي ديدان خيطية رفيعة وطويلة تصيب خاصة أسماك المياه العذبة والشروب وقد تم عزلها من أنواع عديدة من الأسماك الشبوطية منها اٍماك البني والحمري وأسماك البلطي حيث تلعب هذه الأسماك دوراً هاماً في حياة هذه الطفيليات كمضيف وسيط. ويصاب الإنسان بهذه الديدان الخيطية عن طريق تناوله للأسماك المصابة النيئة والغير مطهوة جيداً حيث تهاجم الأمعاء مسببة له المرض. ومن أهم العلامات المرضية في الإنسان هي وجود إسهال مزمن، آلام شديدة في البطن نتيجة التهاب كل من الأمعاء الدقيقة والغليظة، بالإضافة إلى هزال وفقدان ملحوظ في وزن الجسم وأنيميا حادة مع شحوب عام. وعندما يتأخر تشخيص هذا المرض في الإنسان الذي يتم تشخيصه بفحص البراز والكشف عن البويضات أو اليرقات أو الديدان البالغة أو قد توجد جميعها في آن واحد وفي هذه الحالة الأخيرة تأخذ الصورة شكلاً خطيراً قد يؤدي إلى الوفاة.