م .م أحمد جري الشمري
للتخلص من تلوث المياه بالعناصر الثقيلة يتم استخدام النباتات المائية, حيث ان النباتات المائية لها أهمية خاصة لما لها من دور أساسي في التأثير على النظام البيئي المائي, فضلا عن أن معظمها ذو استخدامات عديدة في الصناعة والطب وقد يستخدمها الإنسان غذاء أو علفا لحيواناته. ومؤخرا أصبحت تستخدم في مجال معالجة التلوث البيئي وعلى الخصوص التلوث المائي.
ونضرا للتنوع في النباتات المائية وانتشارها الواسع في المسطحات المائية وتحملها الجيد للظروف البيئية المتغيرة فقد استخدمت أنواع مختلفة من العائلات النباتية كأدلة حياتية لدراسة تلوث المياه بالعناصر الثقيلة. كما أنها أصبحت ذات استخدام واسع في مجال التنقية الحياتية (Biofilteration) لقابليتها على إزالة العناصر الثقيلة من الماء وتجميعها في الأنسجة, ويطلق على عملية استخدام النباتات لإزالة الملوثات من التربة والمياه الجوفية والسطحية ومياه الفضلات بالمعالجة النباتية (Phytoremediation), إذ أن العمليات الحيوية للنبات تساعد على عملية المعالجة التي تسمى باسم المعالجة الخضراء (Green treatment).
إن بعض هذه النباتات تعطي أدلة جيدة للتلوث المائي بالعناصر الثقيلة وذلك لقابليتها على تراكم هذه العناصر في أنسجتها أكثر مما في المحيط المائي. فضلا عن نموها السريع وتكيفها للعيش في بيئات مختلفة وبمتطلبات بيئية بسيطة. كما أن تراكيز العناصر الثقيلة المتراكمة في أجسام النباتات قد تختلف باختلاف الأنواع النباتية وباختلاف العضو النباتي المدروس. وان العناصر في الأنظمة الطبيعية لا تكون مهيأة للامتصاص من النبات بشكل حر وإنما تكون بشكل معقدات ذائبة, وهذا يعتمد على الظروف الكيميائية والفيزيائية للمحيط مما يجعل تأثير ذلك قويا في العمليات المتعلقة بامتصاص ايونات العناصر, إذ أن بعض النباتات تجمع مستويات عالية من العناصر الأساسية وكذلك العناصر غير الأساسية داخل أنسجتها, وذلك من خلال التداخل في نظام نقل الايونات ما بين النوعين من العناصر بواسطة التشابه في الخصائص الكيميائية للمعادن فلا يميز النبات فيما بينها, وهذه النباتات تسمى بعالية التجميع (Hyper accumulator) ولها القدرة على سحب العناصر من الوسط بنسب أعلى بكثير من النباتات الأخرى.
إن آليات تحمل هذه النباتات للمستويات العالية من العناصر تكون من خلال الارتباط بالببتيدات الحاوية على مجموعة (-SH) وهذه تسمى ب الكلآبات النباتية (Phytochelatins).
وتعد عملية استخدام النباتات في المعالجة تقنية جديدة في إزالة الملوثات بسبب الخواص الجينية والكيميائية والفسلجية لبعض النباتات التي ليس لها تأثيرات ضارة على البيئة على العكس من المواد الكيميائية التي تكون ضارة بالبيئة عند استخدامها في معالجة المياه الملوثة
وتوجد دراسات كثيرة عن النباتات المائية التي تستخدم لغرض إزالة مختلف أنواع الملوثات وبالأخص المعادن الثقيلة,فقد تمت دراسة تراكم بعض العناصر Cd, Cu, Fe, Mn, Pb, Zn في النبات المائي Ceratophyllum demersum.
وفي دراسة أخرى استخدم النبات المائي Ruppia martime النامي في نهر الفرات لغرض دراسة التراكم الحيوي لعدد من العناصر الثقيلة.
كما درست تراكيز عناصر Cd, Cu, Mn, Pb, Zn في ثلاثة نباتات هي Ceratophyllum demersum , Myriophyllum verticillatum , Typha domingenesis , و اشيرالى أن النباتات المائية تختلف في قابليتها على تجميع العناصر الثقيلة تبعا لكمية هذه العناصر في الماء وكذلك على قابلية جذورها في التغلغل في الرواسب فضلا عن العمليات الحيوية في جسم النبات.
وفي دراسة أجريت على مياه نهر الفرات في المنطقة المحيطة بشركة الفرات العامة للصناعات النسيجية إذ تتلوث المنطقة بالمياه الصناعية المطروحة من الشركة, وجدت زيادة في تراكيز العناصر Hg, Cu, Pb, Fe في جذور وأوراق نبات القصب أكثر مما هي عليه في المياه.
وان امتصاص وتراكم العناصر الثقيلة بواسطة النباتات أعطى مفهوما واسعا للمعنى البيولوجي لتركيز دقائق العناصر وتوزيعها في جسم الكائن الحي وبين ان التداخل بين العناصر الذائبة والأسطح البيولوجية مثل جدران الخلية من الممكن ان يؤثر على انتقال وتراكم وسمية هذه العناصر إذ أنها من الممكن أن تدخل إلى الخلية إما عن طريق الانتشار عبر جدران الأغشية وأما عن طريق النقل الفعال للمواد الغذائية.