أ.م. د. نادية عبد الأمير المظفر الاستدامة البيئية: يُقصد بالاستدامة البيئية بأنها قدرة البيئة على مواصلة العمل بصورة سليمة، لذلك يتمثل هدف الاستدامة البيئية في التقليل إلى أدنى حد من التدهور البيئي، بمعنى أن تكون الطبيعة قادرة على تجديد التوازن البيئي، ويمكن أن يتحقق ذلك بدمج الاعتبارات البيئية عند التخطيط للتنمية حتى لا يتم إلحاق الأضرار برأس المال الطبيعي وذلك كحد أدنى. تطور مفهوم التنمية المستدامة من خلال مؤتمرات للامم المتحدة بدأت بين الاعوام 1972 وعام 2002 تم خلالهاعقد ثلاثة مؤتمرات دولية ذات أهمية خاصة، الأول عقد في استوكهولم (السويد) عام 1972 تحت اسم مؤتمر الأمم المتحدة حول بيئة الإنسان، والثاني عقد في ريو دي جانيرو (البرازيل) عام 1992 تحت اسم مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية، والثالث أنعقد في جوهانسبورغ (جنوب إفريقيا) في سبتمبر 2002 تحت إسم مؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة. اذا فأن تغير الأسماء يعبر عن تطور مفاهيم العالم للعلاقة بين الإنسان والمحيط الحيوي الذي يعيش فيه وبعد ان اثرت الدراسات علاقات التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالبيئة. التنمية المستدامة (Sustainable Development)تعرف بأنها التنمية التي تُلبي احتياجات البشر في الوقت الحالي دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تحقيق أهدافها، وتركز على النمو الاقتصادي المتكامل المستدام والإشراف البيئي والمسؤولية الاجتماعية. وتعرف منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التنمية المستدامة (الذي تم تبنيه في عام ١٩٨٩ ) كما يلي: التنمية المستدامة هي (إدارة وحماية قاعدة الموارد الطبيعية وتوجيه التغير التقني والمؤسسي بطريقة تضمن تحقيق واستمرار إرضاء الحاجات البشرية للأجيال الحالية والمستقبلية. إن تلك التنمية المستدامة (في الزراعة والغابات والمصادر السمكية) تحمي الأرض والمياه والمصادر الوراثية النباتية والحيوانية ولا تضر بالبيئة وتتسم بأنها ملائمة من الناحية الفنية ومناسبة من الناحية الاقتصادية ومقبولة من الناحية الاجتماعية). التنمية المستدامة في الواقع هي “مفهوم شامل يرتبط باستمرارية الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية والمؤسسية والبيئية للمجتمع”، حيث تُمكّنُ التنمية المستدامة المجتمع وأفراده ومؤسساته من تلبية احتياجاتهم والتعبير عن وجودهم الفعلي في الوقت الحالي مع حفظ التنوع الحيوي والحفاظ على النظم الإيكولوجية والعمل على استمرارية واستدامة العلاقات الإيجابية بين النظام البشري والنظام الحيوي حتى لا يتم الجور على حقوق الأجيال القادمة في العيش بحياة كريمة، كما يحمل هذا المفهوم للتنمية المستدامة ضرورة مواجهة العالم لمخاطر التدهور البيئي الذي يجب التغلب عليه مع مراعات حاجات التنمية الاقتصادية وكذلك المساواة والعدل الاجتماعي. الابعاد الثلاث للتنمية المستدامة هي: (النمو/الكفاءة الاقتصادية، الادماج/الكفاءة الاجتماعية، والحماية/الكفاءة البيئية) تندرج أهداف التنمية المستدامة، التي تقررت أثناء المؤتمر حول التنمية المستدامة (ريو+ 20 في 2012). والطموح هو تحديد خارطة طريق ذات مدى عالمي للفترة ما بين 2015 و 2030 حول الأهداف الكبرى التالية: مكافحة الفقر والأمن الغذائي ومكافحة تغير المناخ والحصول على الطاقة والمياه والمساواة بين النساء والرجال. رغم شمولية مفهوم التنمية المستدامة على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والمتضمنة في ال (17) هدف التي اتفقت عليها اغلبية دول العالم (كما في الشكل)، http://www.un.org/sustainabledevelopment/ar/sustainable-development-goals/ فأن التأكيد على البعد البيئي يعود الى ان اغلب الانشطة والفعاليات المتظمنه في تلك الاهداف تؤثر بصورة مباشرة او غير مباشرة على النظم البيئية سواء من خلال استخدام الموارد الطبيعية غير المتجددة او مما تحدثة تلك المشروعات من اثار سلبية على البيئة. لذلك فأن مفهوم التنمية المستدامة يعطي اهتماما متساويا ومتوازيا بينها وبين الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، وبذلك تكون حماية البيئة والاستخدام المتوازن لمواردها الطبيعية جزاءامن عملية التنمية المستدامة. فعلى سبيل المثال ان الكفاءة في استخراج واستخدام البترول والغاز الطبيعي في العراق من شأنه ان يخدم الاهداف البيئية ويصب في الوصول الى اهداف التنمية المستدامة. ومن التعريفات السابقة للتنمية المستدامة يمكن استخلاص أهدافها، وأبعادها، والتي يمكن إجمالها على النحو التالي: أهداف التنمية المستدامة: في كانون الثاني 2016 بدأ رسميا تطبيق ال (17 هدفا)للخمسة عشر سنة القادمة (لغاية 2030)، والتي اعتمدها قادة العالم في ايلول 2015 في قمة اممية تاريخية، حيث تعمل الدول الموقعة على حشد الجهود للقضاء على الفقر بجميع اشكاله ومكافحة عدم المساواة ومعالجة تغير المناخ من خلال تطبيق تلك الاهداف. تهدف التنمية المستدامة إلى: الاستخدام الرشيد للموارد الناضبة، بمعنى حفظ الأصول الطبيعية بحيث نترك للأجيال القادمة بيئة مناسبة حيث أنّه لا توجد بدائل لتلك الموارد الناضبة، مراعاة القدرة المحدودة للبيئة على استيعاب النفايات، ضرورة التحديد الدقيق للكمية التي ينبغي استخدامها من كل مورد من الموارد الناضبة، ويعتمد ذلك على تحديد قيمتها الاقتصادية الحقيقية، وتحديد سعر مناسب لها بناءً على تلك القيمة. الهدف الأمثل للتنمية المستدامة هو التوفيق بين التنمية الاقتصادية والمحافظة على البيئة مع مراعاة حقوق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية خاصة الناضبة منها. تزايد الاهتمام الدولي نحو الحاجة إلى التنمية المستدامة للوصول إلى مستقبل مستدام، وذلك بعد أن اصبح العالم يواجه عدد من الكوارث البشرية والبيئية فتزايد النمو السكاني والفقر، والاحتباس الحراري، والتصحّر، والتدهور البيئي، وفقدان التنوع البيولوجي،وفقدان الموائل الطبيعية والتي لا تنفصل عن مشكلات الرفاه البشري ولا عن عملية التنمية الاقتصادية بصورة عامة. وكل تلك المشكلات ذات الارتباط الوثيق بين البيئة والتنمية أدى إلى ظهور مفهوم التنمية المستدامة. وكما اشار تقريراللجنة الدولية للبيئة والتنمية “مستقبلنا المشترك”العام 1987الى دمج الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في تعريف واحد وأن لا يكون الهم الأول تعظيم الإنتاج إلى أقصى حد، إنما يكون صون القدرة على الإنتاج في المدى الزمني الممتد هو الهدف الاساس. لذلك، إن حياة الإنسان ورفاهيته ترتبطان بصحة بيئته، ولا يمكن لأي مجتمع أن يستمرّ من دون مصادر المياه النظيفة، الأراضي الخصبة،الغابات، ورؤوس الأموال البيئية كافة التي توفر الموارد وتمتص المخلفات التي ينتجها الإنسان. وفي هذا الإطار، تقدر منظمة الصحة العالمية أن نوعية البيئة السيئة تسبب 25% من جميع الأمراض التي يمكن الوقاية منها في العالم اليوم. وقد أصبح واضحًا في العقد الماضي أن الأمراض المتصلة بالبيئة تشكل تهديدًا خطيرًا ومباشرًا لصحة الإنسان. وإن عددًا قليلاً من التدابير، يمكن ان تساعد في تحسين صحة المليارات من سكان العالم النامي. وتشمل هذه التدابير زيادة إمكانات الحصول على مياه الشرب المأمونة، وتوسيع نطاق التكنولوجيات الأساسية للتخلص من النفايات، وتحسين نوعية الهواء في المناطق الحضرية. إن واحداً من كل خمسة من البشر لا يستطيع الحصول على مياه الشرب المأمونة، أحد أبسط احتياجات الإنسان، وفي الوقت نفسه، يزداد الضغط الواقع على موارد المياه ازديادًا مطردًا بفعل زيادة الطلب البشري وغيره من الاستخدامات المتنافسة للمياه. ويستلزم حل هذه المشكلة المزدوجة زيادة الاستثمارات المالية، ويتطلب حلولاً تكنولوجية ابتكارية من القطاعين العام والخاص. وعلى الرغم من علاقة الإنسان الوثيقة ببيئته، فإنه غالبًا ما يغفل حالة التدهور واستغلال تلك البيئة. ولعل اضمحلال مناطق صيد الأسماك، وفقدان الغطاء النباتي، واستمرار تراكم الملوثات والمخلفات تمثل بعض الأمثلة الواضحة على ذلك. وفي عالم يزداد فيةتعداد السكان، فإن تحدّي القرن الحادي والعشرين يكون في الإجابة عن السؤال الآتي كيف يعيش السكان ضمن نطاق قدرة كوكب الأرض وإمكاناته؟ وكما يقول تقرير الأمم المتحدة: “يجب أن يقدم المجتمع الدولي إحصاءً بما يمكن لكوكب الأرض أن يقدمه مقارنة بما يؤخذ منه بالفعل”. ولكي يتم ذلك، هناك حاجة إلى أدوات قادرة على متابعة حركة التغيرات والخدمات البيئية في الأنظمة البيئية والاقتصاديات الإنسانية، تمامًا كمتابعة لحركة المال في الأسواق الاقتصادية. إن هذه الأداة المحاسبية هي في الواقع ما يسمى بـ “البصمة البيئية”. وهذا أيضا حال العراق كبلد نامي يزداد فية تعداد السكان بشكل مضطرد بالإضافة الى انشغال الدولة بالحروب والنزاعات ولعقود طويلة أدت الى اهمال تام للقضايا البيئية والتي انعكست سلبا وبشكل واضح على صحة الانسان ورفاهه الصحي والاقتصادي والاجتماعي. العراق يحتاج وبشكل عاجل الى اعتماد “التنمية المستدامة” استراتيجية اساسية لتحسين رفاهية الفرد العراقي، واستدامة ثروات الوطن المتجددة منها والناضبة. واعتمادها يحتاج اولا الى ان الى حملات تثقيفية واسعة للمجتمع وعلى كافة الاصعدة، بالاضافة الى وضع القوانين واليات تنفيذها وبسقوف زمنية محددة لنصل الى الغايات المعلنة بحلول عام 2030. المصادر: http://www.un.org/sustainabledevelopment/ar/sustainable-development-goals/# مؤشرات البيئة والتنمية الملستدامة ذات األولوية في العراق – وزارة التخطيط/ الجهاز المركزي للإحصاء 2015 http://www.cosit.gov.iq/documents/statistics_ar/Environment/Env%20dev/Full%20Report/%D9%85%D8%A4%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%AA%20%20%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D8%A9%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D9%85%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%202015.pdf